Tuesday, May 31, 2011

مصر على كرسي متحرك


كان يوما عاديا من الايام، مررت بصديقة طفولتي ورفيقة عمري عزه، التي تعرفت عليها في نهاية الدراسة الابتدائية تقريبا، ولم تكن النظرة الاولى مشجعه، فلم تحدث تلك الشرارة التي تحدث بين المحبين من النظرة الاولى، لكنها العشرة والمعرفة عن قرب واختبارات الحياة المختلفة هي التي جعلت ما بيننا يتعدى الصداقة والحب الى الاخوة والنفس الواحدة، هي الصديقة التي يحبها كل من عرفها، لطيبة في نفسها وسمو في خلقها وجمال في روحها، ادام الله علينا هذا الحب وهذا الود وحشرنا معا يوم الدين فالمرء يحشر مع من احب.
الان تذكرت ذاك اليوم، حين ركبنا فيه السيارة معا في طريقنا الى منزل الوالد، وفجأة اذا بنا نرى عجوز على كرسي متحرك في الشارع المنحدر قليلا وهو يحاول ويعاني لكي يستطيع ان يعبر الطريق، وبالبطبع تأثرنا كثيرا لهذا المشهد، وما حز فينا اكثر كيف ان الجميع يتصرف وكأنهم لا يروه، فهذا بائع الخضراوات على ناصية الطريق، وذاك اخر يبيع الصحف غير مكترث به، فما كان منا الا ان اوقفت سيارتي ونزلت عزه لتدفع الرجل بالكرسي وتضعه على جانب الطريق لتعود منفجرة بالبكاء، الذي انتقلت عدواه الي على الفور، واضطررنا لاكمال طريقنا ونحن في غاية من الاسى والحزن على الرجل المسكين وفي حالة من الغضب والثورة على ما آل اليه حال الناس من قسوة ولا مبالاة.
لم يطل بنا هذا الحدث الا ومرت عزه بهذا المكان بعد يوم او اكثر لترى نفس المشهد مرة اخرى نفس الرجل على مقعده في نفس المكان، ساعتها فهمت ان هذه طريقة من طرق الشحاته والتحايل وان المطلوب منا وقتها كان ان نعطيه مالا لا ان ندفعه الى جانب الطريق فقد قام امامها من على الكرسي، مما جعلها تبدأ في الضحك، وتتصل بي لتخبرني، وضحكنا معا على سذاجتنا وتخيلنا ما كان ظن الناس بنا ونحن نبكي الرجل المسكين، وندفعه الى جانب الطريق دون اعطائه شيئا ونذهب باكيتان.
تذكرت هذا الموقف الان وانا ارى مصر قبل الثورة وهي على كرسي متحرك تتسول غيرها لانها دولة فقيرة كسيحه لا تملك من امرها شيئا، تحتاج الى يد تدفعها في كل اتجاه، ثم جاءت ثورتنا المجيدة فأخذت بيد مصر ودفعتها من قارعة الطريق الى بر الامان، وكان الجدير بنا ان نترك الكرسي المتحرك ونبدأ بتعلم المشي ثم الجري ثم القفز، ولكننا استحلينا جلستنا هذه، بل اصبحنا نتقاتل على من له الحق في هذا الكرسي على الرغم من انه كرسي متحرك، لن يصل بنا الى هدفنا بل الى هدف من يقوده بنا، لا اريد ان اجلس على الكرسي المتحرك ولا اريد لمصر ان تبقى كسيحه، انهضي يا مصر كفاك راحة على الكرسي كل هذه السنين، وكفاكم يا شعب مصر لا تتشبثوا بالكرسي المتحرك لتجلسوا عليه بل اجعلوا هدفكم ان تدفعوا به الى الامام، ضعوا اعينكم على الهدف وتسابقوا جريا وقفزا حتى تصلوا اليه، الثورة تخلص من العجز ولكن ما يبني هو العمل والحركة والدأب .. والله الموفق والمستعان.

Monday, May 9, 2011

اسماك الزينه



في طريق عودتي من العمل بالامس مررت على بائع اسماك الزينة، اوقفت سيارتي ونزلت ودخلت الى المحل، اخذت انظر الى الاسماك والوانها وجمالها، يا الله كم يريح النظر اليها وهي تسبح في سكون، ترى هل لديها اي هموم، هل تفكر الا في التسبيح بحمده! جاءني صاحب المحل بعد التحية والسلام، قلت اريد ان اجدد واغير كل شئ في حوض السمك عندي، عندي احساس شديد بالرغبة في التغيير والتجديد، وبدءنا نتحاور، ستحتاجين فرش للارضيه هل عندك؟ نعم ولكن سأغيره اكيد زمانه مليان اوساخ الان، هل عندك سخان للحرارة؟ وهذا شفاط لتنظيف الماء، عندي ولكني اولا اريد التغيير، وثانيا كل ما هو قديم اكيد معبئ بالجراثيم والامراض، البائع: خذي هذا لاضفاء جو من البهجه على الحوض وهذه لتختبئ الاسماك بداخلها ويلهون حولها، جئنا للمهم الان الاسماك نفسها، البائع: ماذا عندك في الحوض؟ عندي كذا وكذا.. همم اذا اردت الابقاء على ما عندك لن تستطيعي اضافة الا نوع واحد من الاسماك لانها تتعارض مع الانواع الاخرى، اما تستغني عن القديم وتستطيعي ان تختاري من كل الانواع الموجوده ما تريدين، او تبقي على ما عندك لكن احذري منهم سيفتكون بالاسماك الجديده.
لقد تم تغيير الحوض وتنظيفه على اكمل وجه ولكن بقيت الاسماك الجديدة مع القديمة وجلست اراقب.. ترى ماذا ستفعل؟ هل ستشعل فتنة طائفيه بين انواع الاسماك المختلفه؟ ام هل ستفتعل ازمات اقتصادية فتأكل كل ما يقدم من طعام، وتترك الاخرين جياعا؟ ام هل تراها ستحكم وتتحكم في الجميع بصفتها الاقدم والاعلم بخبايا الحوض؟ او لعلها ستقضي عليهم جميعا وتفتك بهم وتأكلهم وتنتصر هي في النهاية بالرغم مما قمت به من تغيير كبير؟..
انا تفكيري راح لفين؟ تغيير ايه؟ وازمة اقتصادية ايه؟ وفتنه طائفية ايه؟ بس يا خبر انا مش كنت باتكلم عن السمك وحوض اسماك الزينه! رجعت احاول اركز في حركة السمك الذي يسبح في الماء ويسبح بحمد الخلاق العظيم، واحاول الاستمتاع بعد التغيير ما تم.